كتاب القصاص القصاص بالكسر. وهو اسم لاستيفاء مثل الجناية من قتل أو قطع، أو ضرب، أو جرح. وأصله اقتفاء الأثر. يقال: قص أثره إذا تبعه فكأن المقتص يتبع أثر الجاني فيفعل مثل فعله.
(وفيه فصول: الأول) (في قصاص النفس. وموجبه: ازهاق النفس) أي اخراجها، قال الجوهري: زهقت نفسه زهوقا أي خرجت، وهو هنا مجاز في اخراجها عن التعلق بالبدن إذ ليست داخلة فيه حقيقة كما حقق في محله (المعصومة) التي لا يجوز إتلافها، مأخوذ من العصم وهو المنع (المكافئة) لنفس المزهق لها في الاسلام، والحرية، وغيرهما من الاعتبارات الآتية [1] (عمدا) قيد في الازهاق أي ازهاقها في حالة العمد، وسيأتي تفسيره (عدوانا) احترز به عن نحو المقتول قصاصا فإنه يصدق عليه التعريف، لكن لا عدوان
[1] من البلوغ. والعقل. وغيرهما.
فيه فخرج به [1].
ويمكن اخراجه [2] بقيد المعصومة، فإن غير المعصوم أعم من كونه بالأصل كالحربي، والعارض كالقاتل على وجه يوجب القصاص، ولكنه أراد بالمعصومة: ما لا يباح ازهاقها للكل [3].
وبالقيد الأخير [4] اخراج ما يباح قتله بالنسبة إلى شخص دون شخص آخر. فإن القاتل معصوم بالنسبة إلى غير ولي القصاص.
ويمكن أن يريد بالعدوان: اخراج فعل الصبي والمجنون. فإن قتلهما للنفس المعصومة المكافئة لا يوجب عليهما القصاص، لأنه لا يعد عدوانا، لعدم التكليف وإن استحقا التأديب. حسما للجرأة. فإن العدوان هنا بمعنى الظلم المحرم وهو منفي عنهما.
ومن لاحظ في العدوان المعنى السابق [5] احتاج في اخراجهما [6] إلى قيد آخر فقال: هو إزهاق البالغ العاقل النفس المعصومة انتهى.
[1] أي خرج المقتول قصاصا عن تعريف القصاص بقيد (عدوانا).
[2] أي اخراج المقتول قصاصا عن تعريف القصاص بقيد المعصومة.
فإنه لا عصمة له بالنسبة إلى ولي المقتول وإن كان مصونا بالنسبة إلى آخرين [3] أي إزهاق النفس لكل أحد، بل لأفراد مخصوصة كولي المقتول فالقاتل محقون الدم بالنسبة إلى أفراد آخرين وليس لهم إزهاق دمه.
[4] أي ويمكن اخراج المقتول قصاصا بالقيد الأخير وهو (عدوانا).
فإن المقتول قصاصا لا يكون مظلوما.
[5] وهو القتل لا عن حق وموجب.
[6] أي الصبي والمجنون.
ويمكن اخراجهما [1] بقيد العمد، لما سيأتي من تفسيره [2] بأنه قصد البالغ إلى آخره. وهو أوفق بالعبارة [3] (فلا قود بقتل المرتد) ونحوه من الكفار الذين لا عصمة لنفوسهم. والقود بفتح الواو: القصاص سمي قودا، لأنهم يقودون الجاني بحبل وغيره، قاله الأزهري.
(ولا يقتل غير المكافئ) كالعبد بالنسبة إلى الحر. [4] وازهاق [5] نفس الدابة المحترمة بغير إذن المالك. وإن كان محرما، إلا أنه يمكن اخراجه [6] بالمعصومة حيث يراد بها: ما لا يجوز إتلافه مطلقا [7] ولو أريد بها [8]: ما لا يجوز اتلافه لشخص دون آخر كما
[1] أي اخراج الصبي والمجنون.
[2] المصدر مضاف إلى المفعول. والفاعل محذوف. أي ومن تفسير المصنف العمد.
[3] أي بعبارة (المصنف) الآتية بقوله: والعمد يحصل بقصد البالغ إلى القتل بما يقتل غالبا.
[4] أي لا يقتل الحر بالعبد بمعنى أن الحر لو قتل عبدا لم يقتل الحر لأجله وفي العبارة تسامح، أو قلب.
[5] بالجر عطفا على العبد أي لا يقتل الانسان بقتله حيوانا محترما.
[6] أي اخراج (إزهاق نفس الدابة).
[7] وهو المعنى الأول الذي ذكره الشارح عند قول المصنف " المعصومة ".
أي إذا كان المراد بالمعصومة: ما لا يجوز إزهاق نفسه لكل أحد على الإطلاق فعند ذلك يخرج إزهاق نفس الدابة عن مورد القصاص. حيث يجوز ذبحها لصاحب الدابة وكذا للمأذون من طرفه. فليست نفسها معصومة على الإطلاق.
بل بالنسبة. فلا يقتص من قاتلها.
[8] أي بالمعصومة.
تقدم [1] خرجت [2] بالمكافئة.
وخرج بقيد (العمد) القتل خطأ وشبهه [3] فإنه لا قصاص فيهما.
[1] وهو المعنى الثاني الذي ذكره الشارح للمعصومة عند الهامش رقم 3 ص 14.
[2] أي الدابة خرجت عن مورد القصاص بقيد " المكافئة " حينئذ.
وكان قيد " المكافئة " كافيا في اخراج الدابة من غير حاجة إلى هذا التطويل.
[3] أي شبه العمد أو شبه الخطأ وسيأتي توضيح كل من القتل الخطائي.
والعمدي. والشبيه بهما.